إن العقاب والثواب بالنسبة للطفل يجب أن يتم اختياره على أساس العناصر المنسجمة مع ذهنية كل منهما ومع مرحلته، والظروف المحيطة به، والمؤثرات التي تؤثر في شخصيته كنقاط ضعفه وقوته، فرب ثواب يتحول إلى عنصر سلبي لأنه لا ينسجم مع العناصر التي تكمن في داخل الشخصية التي تنفتح على ثواب معين، وربما نلتقي بعقاب يتحول إلى عنصر إيجابي، الأمر الذي يتطلب الحكمة في الأسلوب الذي يتحرك به العقاب أو الثواب.
على هذا الأساس فلا بد من أن تدار عملية التأديب إدارة دقيقة جداً باعتبار أن المسألة قد تخلق لهذا الإنسان عقدة إذا ضربناه في وقت تكون الكلمة هي السبيل لتأديبه، مما يترك تأثيره على مسألة الكرامة في شخصيته بحيث يصاب بالإحباط أمام هذه الحالة، فيفقد ثقته بنفسه أو يتعقد من الناس الذين من حوله بسبب الأسلوب الذي انطلق منهم.
ولذلك فإن الرسول صلى الله عليه وآله نهى عن الأدب وقت الغضب، لأن الإنسان عندما يغضب لا يستطيع أن يعي الأسلوب الحكيم الذي يستطيع من خلال المفردات التي يفرضها تأديب الطفل وتوجيهه. وكذلك نجد أن الإسلام حرَّم أيّ تصرفٍ يتصرفه المربي إذا كان التصرف السلبي لا يمثل ضرورة في التأديب، فلا يجوز لنا أن نتكلم مع الطفل بالكلمات القاسية كالسباب والشتائم والإهانة إذ أنّ كل ذلك يؤثر سلباً على نفسيته وسلوكه، أو إذا لم يكن لهذا ضرورة، لأن الطفل إنسان محترم ويجب علينا أن نحترم شعوره أو إحساسه أو كرامته بقدر ما ينفعل في مسألة الكرامة، ولا يجوز لنا أن نمتهن ذلك كله إلاّ في حالات الضرورة عندما تتوقف مصلحته على ذلك.
وهكذا نجد أنه لا يجوز لنا أن نضربه إذا كانت الضرورة أن نتكلم معه بكلام حاد، أو بأن نمنعه من بعض رغباته. وإذا رأينا أن الضرب هو الوسيلة الوحيدة فان علينا أن نضربه ضرباً خفيفاً بحيث لا يؤدي إلى احمرار الجسد، وإذا أدى إلى الاحمرار فإن هناك ديّة شرعية لابد أن تدفع للطفل في هذا المجال، لأن الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يجعل الطفل موضعاً لتجارب نفسية أو مزاجية ولتفجير الغيض أو الغضب الذي قد يحمله الأبوان أو المعلم.